انا طنجة
--------------------------------------------------------------------------------
- أنا طنجة ، نعم أنا هي . جميلة ساحرة ، وفاتنة باهـرة . سابقت المدن فسبقتها . توجت جميلة الجميلات . شمس المغـرب أنا ،
رغم ما بي قد عنى . أفتح ذراعي لكل قادم ، وأسعد بكل مقيم . قـدم عهدي في حمل القلوب النبيلة ، ثم استحلت إلى حامل للشياطة .
وطئتني قدم موسى والشيخ الخضر . في قبيلة أكـلا حضرت إقامة جدار الغلامين اليتيمين . في مدشر مديونة حضرت طلعة ذي القرنين . هناك يأخذك خمري من عينيك فتثمل للغروب . تراها في الأفق البعيد تذرف دمع الحزن ، تنحني تواضعا لبارئها ، وتدعوه أن ينتقم لطنجة ، تنزل من عليائها في تؤدة وهي تمتطي سرعة رهيبة ، ترسل شعاعا مليئا بالحياة ، تبعثه رقصا يرتدي لون الشفق .
أنا طنجة . أنا التي أخاطب فيك المروءة ، وأعزف لك على وتر الغيرة ، فهل تغار علي ؟
إن لم أغر عليك كنت مضيعك .
- ألست مضيعي ؟
كلا .
- فلماذا إذن لحقني الذل والهوان ؟
لا تحمليني وزر ما آل وضعك إليه .
- أضاعوني .. أضاعوني .. وأي مدينة أضاعوا !
أنا طنجة الصبا والشباب ، أنا المغرب كل المغرب . اسم طنجة اسم بديل لاسم المغرب ، واسم طنجاورة اسم بديل لاسم المغاربة . كنت المغرب الأقصى تمييزا لي عن الأوسط والأدنى . كنت مراكش ، واليوم أنا طنجة وغدا .
أريد نفسي جزيرة سابحة ، فشقوا لي قناة من أصيلا أو العرائش ، أمعنوا في شقها حتى تصلوا بها إلى البحر الأبيض المتوسط ، اصنعوا لي حزاما مائيا ، فأنا كالسمكة ، وذلك يسعدني . مروا ببواخركم . سافروا عبر قناتي . راقصوا مراكبكم فوق مياهها الملهمة ، متعوا العين والقلب ..
أغار على قناة تربط البحر الأحمر بالمتوسط ، وأخرى تعقد على المحيط الهادي والأطلسي . طول قناة السويس لا يتعدى مائة واثنين وسبعين كيلومترا ، بينما المسافة بيني وبين العرائش لا تتجاوز ثمانين كيلومترا .
أنا طنجة . أحلم بقناة تزيدني حبا وودا ، أحلم بها حلما يكاد يصبحني على واقعه ، فلستم طنجاوة إن لم تخلقوها